الجمعة، 29 يناير 2016

مقتطفات من كتاب عجز العقل العلماني ..العلمانية منبع الجهل


مقتطفات من كتاب عجز العقل العلماني   ..العلمانية منبع الجهل 


عندما أقول : أن العلمانية منبع الجهل فهذه حقيقة فكرية أساسية يجب أن يعرفها كل من يبحث عن الحقائق ، وقد يقول قائل كيف تتهم العلمانية بأنها منبع الجهل ، وهي التي تدعو للاعتماد كلياً على العقل ، وتدعو للقراءة والتفكير والنقاش وأقول إن استخدام العقل على الطريقة العلمانية يوصل للتناقض والحيرة والضياع أي الجهل أي الفشل في الوصول على الحقائق ، أما القراءة والتفكير والنقاش فلن يؤدون إلى حقائق بل هذا يعتمد على نوعيمة ما نقرأ والطريق الصحيح في النقاش وإلا ستكون النتيجة هي الجدل والنقاش البيزنطي ، وإذا أخذنا الموقف العلماني من كل القضايا الفكرية الأساسية وجدناه مشوهاً ، ولا يوصلنا إلى الحقيقة ، فإذا قلنا هل الله موجود أم لا ؟ قال بعضهم نعم موجود وقال آخرون لا غير موجود ، وقال فرق ثالث أنا أشك في وجوده ، فهم بين الإيمان والإلحاد والشك ، ولست أنا وحدي من يتهم العلمانية بالجهل فالعلمانيون يتهمون بعضهم بالجهل فكل واحد منهم يتهم من يناقضونه الرأي بأنهم على خطأ أي جهل ، فالعلمانيون يتناقشون ويتكلمون ولكنهم لا يتفقون على حقائق فكرية ، بل يتناقضون ، بل هم لم يتفقوا على حقيقة فكرية واحدة مع أن العلمانية لها أكثر من ثلاثة قرون تقرأ وتتأمل وتبحث وتناقش ، بل منذ آلاف السنين من أيام الفلاسفة القدماء ، وهم لم يتفقوا على حقيقة واحدة وهذا يعني أنه لا يوجد عندهم علم فكري ولا يوجد حقائق فكرية فكل شيء خطأ ، وفي نفس الوقت كل مبدأ أو فكرة أو رأي تجد له مؤيدين منهم ، فأي شيء بإمكانه أن يكون صواباً وحقاً حتى لو كان فكرة سخيفة وكل شيء بإمكانه أن يعتبر خطأ وباطلاً حتى لو كان حقيقة فكرية عظمى تسندها الأدلة العقلية كوجود الله سبحانه وتعالى ، وكصدق الأنبياء ، فمن البديهيات أنه لا يوجد فكر علماني بل توجد مبادئ وآراء كثيرة ومتناقضة من الرأسمالية إلى الشيوعية إلى غيرها من المبادئ ، ولا يوجد وهذه قضية مهمة عقل بشري واحد ، بل توجد عقول بشرية كثيرة ، فهناك عقل رأسمالي وعقل شيوعي وعقل نازي ، وعقل اشتراكي ، وعقل انتقائي ... الخ ، فعندما قالت لنا العلمانية اتبعوني وسأوصـلكم بالعقل للحقائق الفكرية وجدنا أنها لم توصلنا إلى حقائق بل إلى آراء ووجدنا أن هنـاك أكثر من عقل بشري، وكل عقل يعتبر نفسه الواعي والذكي وكما قـيل : " كل بعقله راض " كما أن العلمـانية لم تُعطنا نظاماً اقتصادياً متكامـلاً بل أعطتـنا أنظمة اقتصـادية متناقـضة رأسمالية وشيوعية واشتراكية .. الخ ، وهذا ينطبق أيضاً على النظام 
الاجتماعي والسياسي والتربوي ... الخ ، وإذا أوصلتنا العلمانية إلى أنه لا توجد حقائق فكرية فهذا قمة الجهل ، وقمة الضياع وقمة التخلف فإذا كان ما يوجد هو آراء وليس حقائق فمعناه لا يوجد علم ، ولا يوجد جهل وهذا هو الجهل بعينه، وبالتأكيد أن الجهل لم يحلم في تاريخه الطويل بأن يتساوى مع العلم ، وهذا هو ما وصلت إليه العلمانية قال برتراند رسل " تدعي الفلسفة منذ القدم ادعاءات كثيرة ، ولكن حصيلتها أقل بكثير بالنسبة إلى العلوم الأخرى " (1) وقال آلان ود " برتراندرسل فيلسوف بدون فلسفة " (2) قال هنترميد "الفلسفة مضيعة للوقت" الفلسفة لا تحل أية مشكلة". الفلسفة لا تعالج إلا مشكلاتها الوهمية الخاصة – بل إنها تعجز عن حل هذه المشكلات". مثل هذه الملاحظات توجه إلى الفيلسوف المحترف وإلى طالب الفلسفة "(3) وقال أ.م . بوشنسكي " ولكن الأهم من هذا كله أن كل هؤلاء الفلاسفة الماديين يقفون حيارى لا يكادون يبينون بشأن كبريات مشكلات الإنسان وهي المشكلات التي اهتم بها الفكر الأوربي في القرن العشريين الميلادي أعظم اهتمام ، ففيما يخص الألم والعذاب والأخلاق والدين فإنهم يقتصرون على القول بأنها أمور لا تحمل مشكلات للفلسفة ، أو قد يقول بعضهم : إنه من المخالف للعقل اعتبارها مشكلات فلسفية على الإطلاق " (4) وقال " حيث يرون " الفلاسفة الماديون " أن أيه مناقشة حول أمور نفسية لا تكون بذات معنى " (5) وقال هنترميد " حرية الإرادة في مقابل الحتمية : على الرغم من أن علم النفـس الحديث قد دعم وجهة النظـر الحتمية بقوة فإن الحتمية ما زالت حتى الآن فرضاً لم يتم إثباته " (6) وقال " على أن أيا من جانبي النزاع الحاد الخاص بحرية الإرادة لم يفلح في قهر الجانب الآخر ، وما زالت هذه المشكلة ، على الأرجح أكثر أبناء الفلسـفة إثارة للضجـيج والمتاعب ، ولكن هنـاك على الأقل احتمال في أن يؤدي تطور علم النفس إلى تسـوية نهائيـة لهذه المسـألة القديـمة العهد، ولو حدث ذلك لكان هذه يوماً سعيداً لأمها الفلسفة " (7) ولاحظ 
هنا كلمات لم يتم إثباتها ، وهناك احتمال ، ولو حدث هذا ، وحيارى وادعاءات ، وليست ذات معنى ، وانظر إلى الفيلسوف هنترميد وهو يقول : " ففي وسع المرء أن يستبعد المشكلات التي عرضناها حتى الآن ، ( مشكلة الله ، مشكلة حرية الإنسان ، مشكلة الدين ) على أساس أنها ليست بذات أهمية علمية ملحة مهما تكن حقيقتها ودلالتها من حيث هي مشكلات عقلية ، ولكن ها هي ذي مشكلة تعد أكثر المشكلات الإنسانية الكبرى اتصالاً بالإنسان ، وأعمقها تأصلاً فيه ، وربما أشدها إلحاحاً عليه وأعني بها وما الحياة الخيرة " ؟ (1) فهو يجعل وجود الله والدين وحرية الإنسان قضايا غير ذات أهمية عملية ، وما فعله خطأن أولهما هروب من قضايا كبرى اهتم بها الإنسان وعجزت عنها العلمانية والفلسفة والشيء الثاني أن هذه القضايا ذات أهمية عملية عظمى ، فالإيمان بالله والعقائد الدينية تُترجم إلى أعمال وعبادة وجهاد وأنظمة فكرية وسلوك وأحزاب وجماعات ودول وأخلاق ومعاملات وشعارات وحرب وسلام وهذه أمور يعرفها كل إنسان عاقل حتى لو لم يكن مؤمناً بوجود الله ، ولكن العلمانية لها أساليب وآراء في تشويه الحقائق الفكرية خدعت بها كثيرين وللأسف فأحياناً تقول إن القضايا الإيمانية ليست لها علاقة في الحياة الدنيا ، بل فقط بالحياة الآخرة ، وأحياناً تقول : لا علاقة للدين بالسياسة ، وأحياناً تقول لا نحتاج الدين في حياتنا .. الخ وهذا من أساليب نشر الجهل واتباع الأوهام والظن ، وليت كل العلمانيين والفلاسفة يعترفون كما اعترف سقراط حين قال " إنني جاهل ، وأعرف أنني جاهل ، وأما هم فجهلة ويجهلون أنهم يجهلون " ولكنهم لم يفعلوا ذلك بل نجد الأستاذ عادل ضاهر يعلق على الأسئلة الكبيرة أي القضايا الفكرية الكبرى في حياة الناس من عقائد وأنظمة فيقول: "لا أحد يمكنه أن يدعى أنه أكثر كفاية من الآخـرين لمعالجة أسـئلة مقلقة كهذه ولا سلطة دينية أو علمانية يمكنـها أن تدعي ذلك " (2) ولو قـال الأسـتاذ عـادل أن العلمانيين عجزوا لقلنا هذا صحيح ، وهذه حقيقة فكرية واضحة نتفق معـهم فيها ، ولكنه تكلم بالنيابة عن أهل الإسلام والأديان السماوية ، وقال هم أيضاً ليست لديـهم الكفاية لمعالجة هذه الأسئلة المقلقة في حين أن أهل الإسـلام يقولون عكس ذلك ، فهم لديـهم إجـابات معروفة، وأدلة عقلية ووضوح ونور وهداية وعلم وبصيرة وحكمة 
قال سبحانه وتعالى " أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " سورة الرعد 19 ، 20 وقال تعالى " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " سورة الحديد 25 فما أنزله الله سبحانه وتعالى هو الحق ، أي الحقائق الفكرية التي تجيب على الأسئلة المقلقة وغيرها مما يحتاجه البشر ، وسنتحدث في مقال قادم إن شاء الله عن الطريق الإسلامي للوصول للحقائق الفكرية وأدلته العقلية ، وسنداعب العلمانيين قليلاً لنقول إن أغلبكم وليس جميعكم مقتنعون ومتفقون على قضية واحدة ، ويرون أنها صواب وحق وهي أن من يريد الحقائق والعقل فليبتعد عن الأديان السماوية فلا يوجد فيها حقائق ، ونقول لهم أن هذه " الحقيقة " الفكرية الوحيدة عندكم هي أيضاً خاطئة فالإسلام هو منبع العلم الفكري والحقائق ، وأنتم أخذتم تبحثون في مكان آخر ولهذا ضعتم وجهلتم ومشكلتنا مع العلمانية ليست فقط أنها منبع الجهل الذي أصاب العالم خلال الثلاثة قرون الماضية بل أيضاً إنها حتى هذه اللحظة لم يقتنع العلمانيون بجهلهم ، قال أحد علماء المسلمين : " ما عُصي الله بمعصية أعظم من الجهل قيل هل تعلم يا أبا محمد معصية أعظم من ذلك قال نعم الجهل بالجهل " فمن لا يعرف الحقائق الفكرية هو أعمى فكرياً، ومن لا يعلم أنه أعمى فكرياً فهو أعمى مركباً لأنه لم يدرك جهل وجنون العلمانية الذي جاء في قول الدكتور عبد الحليم محمود أستاذ الفلسفة وشيخ الأزهر: " إن الفلسفة لا رأي لها، وذلك لأنها في مسائل ما وراء الطبيعة وما شابهها من القضايا الكبرى تقول الشيء وضده ، وتصدر الحكم ونقيضه ، يعني أن ما يقوله فيلسوف ينقضه آخر ، وما يبنيه واحد يأتي آخر في عصره أو بعده فيهدمه من أساسه ، وبهذا لا تستطـيع الفلسـفة أن تعطي رأياً واحداً محـدداً في قضية كبرى " (1) ونحن لا نريد آراء متناقضـة ولا حتى آراء متفقة بل نري حقـائق فكرية وعلم فكري ، قال الشافعي رحمه الله " مثل الذي يطلـب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل ، يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يـدري " (2) وهنا ننبه إلى قضـية هـامة وهي أن العلمانيين أحياناً يصلون إلى حقائق فكرية وهذا هو الاستثناء 
لا القاعدة ، بمعنى أن من يعطي إجابات كثيرة متناقضة فإن بعض هذه الإجابات ستكون صحيحة ، فهناك من العلمانيين من آمن بوجود الله ، وهناك من أنكر ، وهناك من أخذ موقفاً متشككاً ، فمن آمن وصل إلى حقيقة فكرية ، وهذا ينطبق على قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية ، فليس كل ما تقوله العلمانية خطأ وهذا ليس ذكاء منها بل لأنها تعطي إجابات كثيرة متناقضة ، ولكنها لا تدري أيها الإجابة الصحيحة من الإجابات الكثيرة التي يقدمها العلمانيون والفلاسفة ، فالعلمانية هي التي لوثت الحقائق الفكرية ، وضربت العلم الفكري بالصميم ، وفتحت الأبواب الواسعة للجهل ليتكلم وينتج الآراء والفلسفات والعقائد الباطلة ، ويبني الأنظمة والأحزاب لتختلف وتتصارع وتملأ الأرض جهلاً وشراً وظلماً وضياعاً وتفككاً ، فالجهل هو أعدى أعداء الإنسان وهو منبع الانحرافات والشر والظلام ولكن العلمانية ألبسته ثوباً عقلياً وعلمياً مزوراً ، فإذا كان الجهل سائداً فإن هذا معناه بناء الأنظمة والعقائد والعقوبات والأعمال على أسس خاطئة وباطلة قال ابن القيم " فيا لله العجب ! كيف تُستباح الفروج والدماء والأموال والحقوق وتحلل وتحرم بأمر أحسن أحواله وأفضلها لا أدري ؟ " (1) فمع اعتراف الفلاسفة والعلمانيين بالضياع والحيرة والتناقض ولا أدري إلا أنهم شرعوا الدساتير والقوانين ووزعوا الحقوق والواجبات وادعوا العلم والتقدمية والحضارة ، قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : " الناس ثلاثة : " فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق " (2) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " والجهل والظلم هما أصل كل شر كما قال سبحانه " وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً " (3) سورة الأحزاب 72 وقال ابن القـيم رحمه الله " إن كل صفة مدح الله بها العبد في القرآن فهي ثمرة العلم ونتيجـته ، وكل ذم ذمه فهـو ثمـرة الجهل ونتيجته " (4) وقال " الجهل نوعـان : عدم العلم بالحـق النافع وعدم العمل بموجـبه ومقتضاه فكلاهما جهل لغة وعرفا وشـرعاً وحقيـقة " (5) وأقول البناء العلمي الفكري الصحيح في العقائد والأنظمة والدساتير والقوانين والحياة الزوجية والجوانب السياسية 

والاجتماعية والاقتصادية هو الذي يحقق العدل والحرية والسعادة والمساواة والحب والتواضع ، وإنسان بدون حقائق فكرية ( علم فكري ) كمن يريد بناء مصنع معقد ومتطور بدون حقائق مادية ، وعلم مادي ونقول بأعلى صوتنا أن العلم الفكري هو الأساس في تحديد المعنى الصحيح للحرية والعبادة والعدل والعقيدة الصحيحة، وهو يحد لنا من الأحرار ومن العبيد ومن الدولة العادلة ومن الدولة الظالمة ومن الواعي ومن الجاهل ، ألم يقل الإمام علي بن أبي طالب " اعرف الحق تعرف أهله " وقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه " الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه " (1)

رابط الكتاب لمن أراد تحميله   



(4) ص 121 الفلسفة المعاصرة في أوروبا أ.م. بوشنسكي ترجمة د. عزت قرني 
(5) ص 80 المصدر السابق 
(6)، (7) ص 28 الفلسفة أنواعها ومشكلاتها الأستاذ هنترميد ترجمة د. فؤاد زكريا 
(1) ص 40 بينات الحل الإسلامي د. يوسف القرضاوي 

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ ردود على العلمانيين والملحدين 2015 ©