الثلاثاء، 26 أبريل 2016

كن جبلاً




كن جبلاً

في الآونة الأخيرة وخاصة بعد انهيار المعسكر الشيوعي تفرق الشيوعيون العرب فمنهم من لحق بالرأسمالية ومنهم من لحق بأديولوجيات أخرى وضعية لكن الغريب أن بعضهم وهم قلة حاولوا أن يجدوا لهم أرضية في الشارع الإسلامي، محاولين أن يصنفوا أنفسهم ويصنفهم الآخرون ضمن المفكرين المسلمين!
ربما كان هذا مكرا أو خبثا منهم ليطعنوا الإسلام من الخلف أو يهدموه من الداخل، وربما كان تشوفا لمستقبل أفضل وأكثر اتساعا للإسلاميين فأرادوا أن يحصلوا على شيء من ذلك.
وسواء كان هذا أم ذاك إلا أن المحصلة النهائية أنهم أصبحوا دوداً ينخر في نسيج الأمة ووحدتها الدينية والثقافية، وأضحوا في ليلة وضحاها إسلاميين ومفكرين يسطرون الكتب وينشرون المقالات التي تنطوي على غرائب وعجائب في التصورات، منطلقين من خلفياتهم الأيديولوجية، فأحدهم (صمم) تياراً سماه: اليسار الإسلامي! وهو مصطلح مستورد بامتياز، حاول فيه صاحبه محاكاة التقسيم الغربي للأيديولوجيات باعتبار أن اليمين يرمز للإقطاع واليسار للعمال، وهو مصطلح يجانب المذهبية الإسلامية الذي لا يطغى فيها جانب على جانب كما أن فيه نبزا للآخرين بأنهم يمينيون أي إقطاعيون بصريح العبارة، وقد اتخذ من أسلوبه هذا غطاء يدثر به كل أفكاره الدخيلة فيما يسميه بالتجديد، وتراه يتكلم في كل واد، فهو يريد التجديد في العقيدة والفقه والأصول واللغة.. وكل شيء، إنه يريد في حقيقة الأمر أن نجدد جلودنا التي تكسونا لتحاكي لون (الآخر)، ونجدد الدم الذي يجري في عروقنا ليصبح دماً بلا هوية، ولا لون ولا طعم ولا رائحة، ليصبح دما مستورداً سرعان ما سيطالبنا هو وغيره بتجديده بدم آخر هو أفضل مما قبله في زعمه وهكذا..
لكن بحمد الله أن هذا وأمثاله لا يجدون الرواج الكبير في المجتمع المسلم، وغالب من يقع في شراكهم هم أرباع وأنصاف المثقفين ممن يغترون بتنميق العبارات وإيراد المصطلحات التي في كثير من الأحيان لا تدل على مراد الكاتب لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما، وقد تلتبس فيه المصطلحات وتتداخل، وقد تمرر مصطلحات بمضامين مضادة ومناقضة دون أن يكون لبعض القراء القدرة على التمييز والنقد، ومن هنا كان السبيل الأوحد لتنمية الفكر وتحصينه ممن يتحركون في الظلام هو التوجه نحو البناء العلمي: إيمانا وفقها، وليس شرطا أن يبلغ الشخص مرتبة سامية في هذا المجال فكل ميسر لما خلق له، ولكن الشرط أن يأخذ المقدار الذي يحصنه والقدر الذي يجعله واعيا ومدركا بمرامي الكلمات والعبارات والمصطلحات، ليكون جبلاً سامقاً يصعب على الشبهات تجاوزه.

 

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ ردود على العلمانيين والملحدين 2015 ©