السبت، 28 نوفمبر 2015

لماذا يغضبون؟

لست أدري لماذا يغضب الملاحدة حين ينتقدهم أحد أو يبين زيف عقيدتهم وضلالها، وأنها لا توافق العقل والمنطق، ولا تتساير والاكتشافات الحديثة التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك حتمية وجود خالق لهذا الكون المترامي الأطراف.

لست أدري لماذا يشتد شططهم عندما تُفضح أفكارهم أو لا يتقبلها جماهير الناس، بل ويستنكرونها لأنها تتعارض مع الفطرة المركوزة في نفس كل إنسان.
لست أدري لماذا يتعالون على بقية خلق الله ويتهمونهم بالجهل والتخلف وعدم المعرفة! أليس من أدنى دركات التخلف العقلي والعلمي ادعاء أن العدم يخلق الأشياء!
أليس من مخالفة العقل والمنطق أن يقال بأن السماوات والأرض بكل ما فيها أوجدها محض الصدفة؟
ألم يتأملوا قليلا في القوانين التي جعلها الله في هذا الكون بحيث لو اختل قانون واحد لاختل الكون برمته?
الحق يقال إنهم يغضبون لأنهم يدركون أن حجتهم داحضة، وأنه لا يؤيدها العقل ولا العلم ولا حتى الجهل نفسه حاشا الجهل المركب، لأن من يجهل ويدعي أن جهله هو العلم يوصف بأنه جاهل مركب.
إن عتبي الكبير وعتب كل ذي عقل سليم ينصب على عدم التأمل والتفكر والنظر، والاكتفاء بالقصاصات والنتف من المعلومات المتناثرة والتي لا يضبطها ضابط، أو التأثر ببعض (الدجل العلمي) الذي مارسه دارون وزمرته حين أخرجوا الإنسان من كونه مخلوقا مكرما إلى كونه مخلوقا ممتهنا وأدنى رتبة وكرامة، والله يقول: (ولقد كرمنا بني آدم) وهذا التكريم واضح إذا ما قورن ببقية المخلوقات.

إن هذا القول هو الأحق بغضب الملاحدة من القول بوجود خالق رازق محيي مميت.. ومع هذا تجد هذه الفطر المنكوسة تتقبل كونها كانت قرودا في الزمن الغابر ولا ترضى لنفسها أن تكون من خلق الله المميز عن بقية المخلوقات، سبحان ربي.. أين العقول?
يكفي لفساد هذا المعتقد أنه يدفع الإنسان نحو الشهوات والشبهات كالبهيمة فلا يحلل حلالا ولا يحرم حراما، ولا ينكر منكرا ولا يعرف معروفا، ثم لا يغضب لهذه المأساة التي وقع وأوقع غيره فيها.
لم لا يغضبون من كون هذه العقيدة جعلت الإنسان حيوانا لا يهمه سوى شبع بطنه وفرجه، وإن كان له من هدف فتراه دنيوياً بحتا يختلط فيه الشهوة بالشبهة والطموح.
تباً.. لقد تبلدت مشاعرهم وأحاسيسهم، وأضاعوا عقولهم في متاهات لا قِبَل لهم بها.
تباً لقوم لم يعد لديهم قيمة يسعون من أجلها، أو هدف يرنون إليه، حاشا الحياة الدنيا ببهرجها وزينتها.. الدنيا وحسب.
سيسأل سائل عن مظاهر هذا الغضب، والجواب أن له مظاهر شتي تلمسها في حواراتهم ومحاضراتهم الساخرة، بل تجدها بوضوح في دول سحقت الملايين من الشعوب لأنها فقط لا تدين بدينهم، ولأنهم يرون في غيرهم لفيفا من القرود المطورة!
الحق أنه إن يكن لأحد الغضب فإنما هو لنا نحن، لأنا نعيش في مجتمع متماسك متجانس فيأتي هؤلاء ويبلبلون ويولولون ويبثون الشكوك والشبهات دون رادع من دين أو خلق أو حب للمعرفة وتقدير لسكينة المجتمع.
لنا الحق أن نغضب لأنا نراهم يسخرون من عقائدنا وديننا وشعائرنا رغم أن كثيرا منهم يدرك في قرارة نفسه أنه في الطريق الخطأ وأن غيره على الحق، ومع هذا لا يتوقف كيده ومكره.
لكن ما يخفف وطأة غضبنا هو رحابة ديننا وسعته، وأن هذه الادعاءات ما هي إلا زوبعة في فنجان، وأن كثيرين من هؤلاء يكدح من أجل أن يجتر بعض الشباب ثم ما يلبث أن يرى جهده قد ذهب أدراج الرياح فينكسر كبرياؤه وتبطل عجرفته.

ما يخفف غضبنا ويجعلنا لا نلقي لهم الكثير من البال إلا بقدر كشف شبهاتهم هو انتشار هذا الدين انتشارا واسعا حيث أضحى أكثر الأديان انتشارا في العالم، ويكفي أن تقرأ بعض الإحصائيات لتدرك ذلك، ففي أمريكا وحدها يدخل الإسلام سنويا ما يقارب الخمسين ألفا، وفي بريطانيا يدخل الإسلام يوميا حوالي سبعة أو ثمانية، وفي فرنسا بلغ عدد المسلمين حوالي ثلاثة ملايين.. وهلم جرا، حينها.. حينها فقط ندرك معنى قوله تعالى:

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ ردود على العلمانيين والملحدين 2015 ©